Translate

السبت، 11 أكتوبر 2014

نهاية عصر الاكتشافات العلمية: هل نقترب من حدود نهاية المعرفة؟


 
 

The End of Discovery: Are We Approaching the Boundaries of the Knowable?


Published: September 23, 2010

 
 

 

في عام 1980، وبعد توليه منصب استاذ كرسي لوكاس للرياضيات (Lucasian professor of mathematics) في جامعة كامبرج، طرح ستيفن هوكنج السؤال التالي: "هل نهاية الفيزياء النظرية تلوح في الأفق؟"

ومع ان هذا التساؤل في حقل الفيزياء النظرية ليس بالجديد  فقد حذر الفيزيائي الشهير لورد كالفن (Lord Kelvin) في اجتماع الجمعية البريطانية  سنة 1900 من ان "موت الفيزياء وشيك"، وهناك العديد  من الفيزيائيين المرموقين الاخرون   كانوا وما زالوا يخشون من هذه المسألة.

هناك الان العديد من المؤلفات من فيزيائيين وعلماء عن مستقبل الفيزياء، وهذا المؤلف للبروفيسور راسل ستانرد (Russell Stannard)، الرئيس السابق لدائرة الفيزياء في الجامعة المفتوحة في بريطانيا، هو اضافة على هذه الجهود.

مؤلف الكتاب استاذ مختص في فيزياء الطاقة العالية و له العديد من المؤلفات حول النسبية التي تستهدف الأطفال (تبسيط العلوم)، فهو مؤهل جدا ليكتب عن الوضع الراهن  وعن المستقبل الغامض للفيزياء النظرية.

هل نحن نقترب من حدود نهاية المعرفة؟  هاذا هو السؤال الذي يطرحه  راسل ستنارد، مبينا  انه في يوم من الايام ستنتهي مرحلة الاختراقات العلمية المهمة. يقول: " ربما تعودنا على فكرة ان العلم بطبيعته يتقدم ويتطور باستمرار، مع انه لم يكن دائما كذلك. والاهم من ذلك انه لن يستمر ليكون كذلك، انها ليست عملية لانهائية، فيوما ما سيصل السعي وراء المعرفة العلمية الى نهايته، ولا نقول التطبيقات العلمية..".

وهذه النهاية لن تكون عندما نكون قد عرفنا كل شيء عن الكون، ولكن عندما نكون قد اكتشفنا الاشياء المتوافرة لدينا لاكتشافها ضمن محدودية العقل البشري في الفهم والاستيعاب، بالإضافة الى اعتبارات عملية اخرى كالحاجة الى آلات وتكنولوجيا مكلفة ومعقدة لن يمكننا صنعها، حيث ستبقى قضايا معرفية كثيرة بعيدة المنال.

 

هناك لحظات كثيرة وقف فيها العلماء عاجزين على حدود المعرفة، كمعرفة من اين جاءت قوانين الطبيعة، وسبب الانفجار الكبير، ولماذا الكون قابل للحياة على هذا الشكل، وفيما اذا كان هناك اكوان غير كوننا هذا، ولماذا كان الوجود اساسا ولم يكن العدم...؟! هذا عدا عن امثلة اخرى لا تقل تعقيدا كالطاقة السوداء والمادة السوداء، وسلوك الجسيمات ما دون الذرية. ومع ان البحث ما زال مستمرا في كافة هذه القضايا الا انع لم يسجل أي اختراق فيها، ومع ان لا احد يعرف كيف سيكون المستقبل وما الذي يمكن ان يحدث في المجال العلمي، فتاريخيا كانت كثير من القضايا العلمية في عداد المستحيلات، كمعرفة بعد النجوم عنا مثلا، لكن مع الوقت تم اكتشافها، الا ان الاسئلة التي يتحدث عنها ستانرد تبدو اكثر استعصاء على العقل البشري، بل قد تكون خارج المتناول مهما حاول الانسان ملاحقتها..

وعلى الرغم من كل هذا، فالبرويسور ستنارد لا ينوي التقليل من شان الانجازات العلمية الحالية، بينما يتحدث عن محدودية امكانياتنا في مواجهة غموض اسرار الوجود، فهو يقدم مراجعة واضحة ومحكمة للاكتشافات العلمية الحاسمة، ولكنه يعتقد ان عقولنا تطورت للتعايش مع كوكب صغير، وليس من اجل حل مسائل معقدة ما وارء التجربة الانسانية. فعقول اسلافنا تطورت لتتعامل مع قضايا يومية يمكن معاينتها في عالمها المحسوس في الاماكن التي عاشوا وتواجدوا فيها ولم تتطور لتتعامل مع اشياء خارج التجربة البشرية، او شي مثل "الجاذبية الكوانتية/الكمية".

فعقولنا يمكن ان تكون هي الاعاقة الاكبر في عملية الفهم العلمي، وكما قال العالم البيولوجي هالدين (J.B.S. Haldane):

 " فالكون ليس فقط يمكن ان يكون اغرب مما نعتقد، ولكن يمكن ان يكون اغرب مما يمكننا اعتقاده"، فإذا كان القرد مثلا غير مؤهل ليفهم الرياضيات او يستوعب وجودها، افلا يمكن ان تكون هناك جوانب في الكون، او الرياضيات اللازمة لفهم هذه الجوانب في الكون، بعيدة المنال كما هو الحال بالنسبة للقرد ان يفهم الرياضيات؟! ربما ليس هناك جواب نهائي بعدن لكن مثلا فان الرياضيات اللازمة لفهم نظرية الخيوط اليوم تشكل تحديا لأكبر العقول العلمية في العالم.

يمكن ايجاز المعضلة المستمرة في عالم الفيزياء النظرية اليوم كالتالي: هناك لغز مستعصي كامن في النسبية العامة وميكانيكا الكم، الفكرتان الاكثر ثورية في القرن العشرين كله. وينبع هذا اللغز من ان النسبية نظرية كلاسيكية ولكنها افضل نظرية تصف الكون، بينما نظرية الكم تطبق على عالم ما دون الذرة. وكما يقول ستانرد، فكلتا النظريتين اجتازتا بنجاح كل الاختبارات كل في مجالها، ومع ذلك فهما ما زالتا تعارضان بعضهما البعض! (كان حلم اينشتاين هو ايجاد نظرية مشتركة يستطيع من خلالها وصف كل شيء في الكون "نظرية كل شيء". وبرغم من جهود البيرت اينشتاين وبول ديراك وارثر ادنغتون وستيفن هوكنج وتلاميذهم فما زال لا يوجد هناك نظرية مقبولة للجاذبية الكمية.

 

كتاب نهاية عصر الاكتشافات العلمية يأخذنا في رحلة واضحة الى مثل هذه التساؤلات الاساسية غير المنجزة بعد، وبالرغم من انه ليس هناك معرفة جديدة في هذا الكتاب، فان الافكار فيه معروضة بشكل سلس وواضح، وهو كتاب اقرب الى نقاش فلسفي منه الى كتاب تقني فلا وجود للمعادلات فيه، و كل مسالة فيه مقدمة بشكل سؤال قصير على جانب الصفحة، على سبيل المثال: "ما هو الزمن؟" مما يسهل على القارئ تتبع الفكرة الاساسية من النقاش.

بالإضافة الى ذلك يحاول الكاتب، وفي محاولة شجاعة، وصف نظرية الخيوط "string theory" التي تتمتع بتأييد واسع في المجتمع العلمي الان بالرغم من ان نتائجها ما زالت قليلة حتى الان. ربما بعض نتائج هذه النظرية ستمكننا من القول ان الفيزياء ما زالت قادرة على اختراق حدود المعرفة.

ربما كان من الافضل ان يخوض الكاتب بشكل اعمق في المسائل الفلسفية المرتبطة بفهم اشياء كطبيعة الزمن، والمادة، والوعي، والمبدأ الانثروبي (:anthropic principleعبارة عن أطروحة تقول بأن الكون حتمي حيث تكون معادلاته وقوانينه الطبيعية مناسبة لظهور أنواع حياة ذكية، حيث أنه لو كانت الجسيمات الأولية مثل الإلكترون و البروتون ليست بصفاتها الموجودة مثل مقدار الشحنة ونوعها وكتلة كل منهما  والقوانين التي تحكمها، لكان من غير الممكن نشأة الحياة على الأرض بما فيها نشأة الإنسان نفسه، والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي بمقدوره وصف الكون ومراقبته وتحليله فيزيائياً.)

 

وفي نفس الوقت لا يناقش ستنارد قضايا مجتمعية يمكنها ان تؤثر او توقف التقدم في البحث الفيزيائي، على سبيل المثال هل حقا سيرغب المجتمع بتمويل مصادم هادرون كبير جديد، او مفاعلات اندماج عملاقة، او ارسال بشر في رحلات طويلة الى الفضاء؟! لقد اصبحت الفيزياء الاساسية وعلوم الفضاء منتشرة عالميا وهناك مئات المؤلفات والمؤلفين في العديد من البلدان، ولكن العلوم الكبيرة تكلف كثيرا أيضا، والمردود قد يكون فقط في المستقبل البعيد، هذا اذا كان هناك مردود اقتصادي من الاصل لمثل هذه الابحاث!

يتكون الكتاب من ثلاثة عشر فصلا موزعة على 237 صفحة، وهي:

العقل والوعي

خلق الكون

قوانين الطبيعة

المبدأ الأنثروبي (البشري)

حجم الكون

الحياة خارج الارض

طبيعة الفضاء

الفضاء وعلاقته بالزمن

طبيعة الزمن

فيزياء الطاقة العالية

عالم الكوانتم

الجاذبية الكوانتية ونظرية الخيوط

خاتمة وملاحظات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق