بين بحث جديد بأن الأجناس الحية على الارض تنقرض بمعدل اسرع بألف مرة فيما
لو لم يكن هناك تأثير للبشر، لكن ومع ذلك فما زال هناك متسع من الوقت لإنقاذ
العالم من كارثة تهدد التنوع البيولوجي كما اشار البحث.
يبين التحليل الجديد، في الدراسة التي قام بها عالم الاحياء في جامعة
ديوك (Duke University) ستيوارت بيم (Stuart Pimm)، بأن معدلات الانقراض
تتراوح بين 100 الى 1000 لكل مليون نوع في كل عام، مع ان معدلات الانقراض قبل دخول
البشر الى المشهد كانت تقدر بانقراض واحد لكل 10 مليون نوع في كل عام.
تشكل هذه الارقام زيادة كبيرة مقارنة مع التقديرات السابقة التي كانت
تقول بأن معدل الانقراض يسير بشكل اسرع من الطبيعي بمائة مرة فقط، ولكن ليس بألف
مرة او اكثر. ولكن بالرغم من هذه الاخبار السيئة، يقول العالم بيم بأن بحثة
"متفائل"، فالتكنولوجيا الحديثة والعلماء المواطنين (citizen scientists) يتيحون لحماة البيئة امكانية تركيز اهدافهم بشكل افضل من أي وقت
مضى، فبالرغم من ان الامور سيئة، وان الدراسة تشير الى ان الوضع اسوأ مما كنا نعتقد، فنحن في وضع افضل بكثير
لنواجه هذه المشكلة.
خارطة تبين التنوع في الطيور في شمال وجنوب
أمريكا الالوان بالأصفر والأحمر تبين تنوع اكثر كما في شمال الأنديز وا-لسواحل البرازيلية
كيفية فهم الانقراض:
لقد عمل بم وزملاؤه كثيرا لمحاولة فهم تأثير البشر على بقية الكائنات
الحية التي تشاركنا نفس الكوكب، وفي تاريخ الحياة على الارض حصلت هناك خمسة حالات
انقراض جماعية مسحت اكثر من نصف الحياة على الكوكب. اما اليوم فان العلماء
يتناقشون فيما اذا كان البشر يسببون الانقراض الجماعي السادس!
هذا السؤال شائك اكثر مما يبدو، فالبشر قد دفعوا بطائر الدودو والنمر
التاسماني والحمام الزاجل الى الانقراض، ومما لا شك فيه ان الاستمرار في تدمير
الغابات والتغير المناخي سيدمر مخلوقات أكثر، بالإضافة الى حرمان البشرية من
التعرف على كائنات لم تكتشف بعد، فالعلماء لا يعرفون عدد الكائنات الموجودة على
الأرض حاليا، فهناك ما يقارب 1.9 مليون نوع تم التعرف عليها علميا حتى الان، لكن
التقديرات بخصوص عدد انواع الكائنات على الارض تتراوح بين 5 إلى 11 مليون نوع.
تشكل معرفة معدل الانقراض بعيدا عن تأثير البشر تحديا آخرا، فسجل المستحاثات، في النهاية، غير مكتمل بشكل
مخيب للآمال، وللحصول على تقديرات علمية، استخدم بيم وزملاؤه بيانات من جزيئات
السلالات التي تستخدم معلومات الـDNA لبناء شبكة
علاقات بين الأجناس، فأشجار تطور السلالات يمكنها ان تبين سرعة التنوع لتشكيل
اجناس جديدة، وأشجار السلالات هذه اعطت الحد الاعلى لمعدلات الانقراض الطبيعية،
وبواسطة هذه الطريقة، توصل الباحثون الى تقديرات معدل انقراض واحد لكل 10 مليون
جنس لكل سنة.
الانقراض العظيم الناتج عن البشر؟
نظر العلماء بعدها الى معدلات الانقراض الحديثة، فقد تتبعوا الحيوانات
المعروفة للعلم، وحسبوا طول المدة التي
استطاعت البقاء فيها بعد الاكتشاف (او فيما اذا ما زالت موجودة). وهذه المعدلات
اوصلتهم الى تقديرات بمعدل 100 انقراض او اكثر لكل مليون جنس كل سنة، مع ان هذه
النتيجة لم تكن مفاجأة كبيرة!
يقول الباحث كلينتون جنكنز (Clinton Jenkins)، وهو باحث في حماية
الطبيعية في معهد "
Pesquisas Ecológicas " ((IPÊ في نزاري بوليستا في
البرازيل: "ان هذا ليس شيئا جيدا، لأنه اعلى مما كان عليه في السابق، ولكن
بالنسبة لمجتمع العلماء المتابعين لهذا الشيء، فقد كنا نعرف نوعا ما اين تسير
الامور"
ولكن جنكنز وبيم يتفقان بأنه ما زال هنالك امل، فالأجناس الاكثر تهديدا
تكون عادة تلك التي تتواجد في مجموعات
صغيرة في الاماكن المهددة، والكثير منها موجود في دول محدودة المصادر الطبيعية،
لكن قدرة العلماء لتتبع وفهم التهديدات هي في افضل مراحلها الان، فالتصوير
بالأقمار الصناعية ومراقبة اضمحلال الغابات يمكنها ان تبين لنا فقدان اماكن سكن
تلك الكائنات في الوقت الذي تحدث فيه، والمواقع الالكترونية مثل موقع (biodiversitymapping.org) الذي انشأه جينكنز يبين مواقع التنوع البيولوجي الساخنة للطيور
والثدييات والبرمائيات وغيرها.
يقول جنكنز: "هناك، على الأغلب ما نسبته اقل من 10 بالمائة (من
مساحة الاراضي) التي تحتوي اغلبية الاجناس المهددة بخطر الانقراض، ولذلك اذا ركزنا
جهودنا على تلك المناطق سنتغلب على معظم المشكلة"
من ناحية أخرى، فالعلماء المواطنون يمكنهم ان يساعدوا أيضا، فكاميرات
الهواتف الذكية يمكنها التقاط الصور للكائنات الحية وإرسال ما وجدوه لمجموعات الحفاظ على البيئة، وقد اوصى بيم
وجنكنز بموقع "iNaturalist"
الذي بدأ كمشروع رئيسي لطلبة الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، حيث
يمكّن الموقع الناس من تحميل صور النباتات والحيوانات ودمغها بموقع المشاهدة، حيث
يمكن للمستخدمين الاخرين ان يؤكدوا المشاهدة.
جنكنز نفسه يستخدم الموقع، وعلى سبيل المثال فقد لاحظ في شهر ابريل
مجموعة من القرود مخططة الذيل تهرول حول الاشجار القريبة من بيته في نزارا بوليستا،
فخرج ومعه منظار وهاتف ذكي والتقط بعض الصور، ثم حمل الصور الى موقع " iNaturalist”.فسارع
مستخدمون اخرون الى للتأكيد بان هذه القرود هي من فصيلة القرد الامريكي الاشهب
منعقد الاذن (Callithrix aurita)، والتي تصنفها
القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN Red List) كنوع معرض للخطر. وكمثال كما قال جنكنز "ففي نفس اليوم كانت
الصورة على صفحة القائمة الحمراء لهذا الكائن"
مشاهدات هؤلاء المواطنين يمكنها ان تساعد في تحديد نطاق وإعداد هذه الأنواع،
حيث ان المعلومات العلمية بشأنها عادة ما تكون غير محدثة، وتلك البيانات، بدورها،
يمكن ان تكشف فيما اذا كانت مشاريع حماية
الطبيعة ناجحة ام لا وما هي المناطق التي ما زالت في خطر.
يقول بيم "عادة ما يقول الناس بأننا في وسط الانقراض الجماعي
السادس، ولكننا لسنا في وسطه بل على حافته، والان لدينا الادوات لمنعه"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق